شهادة حية من مسالخ أجهزة عباس الفتحاوية في الضفة : ساعات متواصلة من العذاب …
خاص بالكاشف :
عشت فصول مأساة أسأل الله أن يعافي منها كل مسلم موحد وأن يحفظ منها كل حر كريم بهذه الكلمات بدأ كلامه الذي حمل في طياته قصة مؤلمة كل كلمة منها تحمل وجها من تلك المعاناة انها قصة واقعية وشهادة حية لضحية جديدة لمسلسل التعذيب ومخطط الإبادة بحق أبناء حركة حماس والذي تنفذه الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة للسلطة الفلسطينية ..
شاب من إحدى قرى الضفة الغربية كتب قصته التي عاشها في مسالخ الأجهزة الأمنية بآلامها وجراحها..فقال :
في الوقت الذي كنت فيه مشغولا بالتجهيز للخطوبة ومستلزمات الحفل والدعوات وغيرها من الأمور كانت بداية الحكاية فلم تكتمل الفرحة,حيث وصل الي يدي ذلك الظرف الصغير قبل حفل الخطوبة بيوم واحد عن طريق أحد أصحاب السيارات العمومية الذين يعملون على خط البلدة التي أعمل فيها حيث انني أعمل مدرسا لمادة الرياضيات للمرحلة الثانوية ,وأقوم بتحفيظ القران الكريم لمجموعة من الأطفال في مسجد حينا وعند فتحي لذلك المغلف واذا به يحوي ورقة كتب عليها :
طلب استدعاء لأحدى الأجهزة الأمنية ولانشغالي بموضوع الخطوبة كما أسلفت فقد ذهبت الى المقابلة بعد عشرة أيام من موعدها المحدد ..
من زنزانة الى أخرى..
ذهبت الى مقر الجهاز الذي أرسل لي بالاستدعاء ..لم يستقبلني أحد ..ولم أقابل أحد ..ولكنني وفجأة وجدت نفسي في زنزانة (2×1 م) تبين لي أنها زنازين الأمن الوطني, مكثت في هذه الزنزانة يومين لم أرى فيها أحدا ..
وفي اليوم الثالث تم نقلي الى مقر الأمن الوقائي .. وبدأ التحقيق معي من الساعة الثانية عشر ظهرا الى الساعة الحادية عشر ليلا تناوب في التحقيق معي ستة محققين ..
رحلة العذاب
تم تقييد يدي للخلف وشدهما بقوة مما يشكل ألما شديدا لأصابع الإبهام اضافة الى الام في كامل عظام ومفاصل اليدين .. ثم قاموا بتغطية وجهي بكيس أخضر اللون يمنع الرؤية والتنفس وتنبعث منه رائحة قاتلة , فالله وحده يعلم كم شخص كان قد وضع هذا الكيس في رؤوسهم قبل أن يدخل فيه رأسي ؟؟!! و كم شخص تقيأ فيه ؟! و كم مرض قد سد أنسجة الكيس ؟؟!!
فما أن وضع هذا الكيس على رأسي أصبح تنفس الأكسجين أمنية أطلبها من الله الرحمن الرحيم ..وأنا على تلك الحالة واذا بأحدهم يصفعني صفعة شديدة على وجهي ..ذلك الوجه الذي لم يضرب يوما ولم يحيا الا كريما عزيزا ..
توالت الضربات على وجهي تصاحبها ضربات على كل انحاء جسدي بدون استثناء وذلك باستخدام أنبوب بلاستيكي مقوى ” بربيش غاز ” , ولم يكتفوا بذلك حيث قاموا بجلدي على أسفل قدمي , فلم يعد في جسدي مكان لم يتعرض للضرب وأنا كذلك أجبروني على الوقوف وعمل حركة قيام وجلوس مرات متتالية وبشكل سريع حوالي ثلاثين مرة فلم استطع بعدها الاكمال فتوقفت من شدة الألم, وعندها ضربني أحدهم وهو يقول لي : أكمل, فقلت له : لا استطيع لأن رجلي قد كسرت قبل عام ..فما كان من المحقق بعد أن علم بذلك الا أن بدأ يضربني فلى موقع الكسر السابق وبقوة وشدة, ودون رحمة ..
تحقيق وعذاب متواصل
وبعدها قاموا بشبحي داخل كرسي خشبي ” شبحة الموزة ” “( يستخدم فيها كرسي خشبي بحجم الكرسي الطبيعي .. يتم قلب الكرسي .. ثم يثنى جسم الشخص المشبوح و يوضع الجسم بكامله بين أرجل الكرسي الخشبي .. يتم ربط ركبتي المشبوح بأطراف أقدام الكرسي من جهة و يتم ربط الأكتاف من الجهة الأخرى ” وعندها لم أعد أتنفس فقد منع عني النفس نهائيا فالضغط على جهازي التنفسي كبير وجسمي معلق والثقل تركز على ركبتاي وكتفاي كل ذلك ترافق مع ضرب على كافة أنحاء جسدي وضغط على مفاصلي بعنف شديد واستمر بي الحال في الشبح الى ان مل المحقق , فأخرجت من الشبح وقد سلخ ظهري بالكامل وامتلأ جروحا وتقرحات..
كل ذلك على مدار احدى عشر ساعة متواصلة وفي الساعة الحادية عشر بعد ذلك عادوا بي الى زنزانة مساحتها ” 1* 1م ” ثبت في وسطها كرسي لا يمكن تحريكه, دخلت الزنزانة حيث لا فراش ولا غطاء فتوسدت حذائي في محاولة للراحة أريح فيها عظامي وجسمي الهزيل ولكن هيهات فلا مكان للراحة في هذه الزنزانة فالبرد قارص والطريقة الوحيدة التي يمكنني الجلوس فيها هي أن أتمدد على شكل حرف ..
لم أعد أقوى على السير..
بعد تلك الليلة لم أعد أقوى على الوقوف أو المشي نهائيا .. الا أنهم عادوا ليقتادوني مرة أخرى الى غرف التحقيق حملا حيث قام اثنان من العساكر بحملي فكما ذكرت لم تكن قدماي تحملان جسدي من العذاب والألم الشديد
وهذه المرة استمر التحقيق معي من الساعة الثالثة وحتى الساعة السادسة مساءً , أربعة من المحققين كانوا بانتظاري استخدموا ضدي كل الأساليب السابقة التي تعرضت لها في اليوم السابق ثم أعادوني الى الزنزانة الأخيرة 1×1 م ..
الدبابيس اخترقت ركبتاي ..
بعد ساعتين أي الساعة الثامنة ليلا عادوا بي الى غرف التحقيق مرة أخرى فإذا التحقيق أشد من اليوم الأول فكأن المحققين الأربعة لم يكن هدفهم الا الضرب والإذلال والتلذذ بذلك , رأيت العذاب بألوانه , صفقات متتالية على وجهي وأذناي , ضرب بالبرابيش على أنحاء جسدي كلها , الشبح بطريقة الموزة ,الاجبار على الوقوف والجلوس المتتالي والسريع …وعند الساعة الواحدة والنصف من تلك الليلة الماطرة حيث كنت أسمع صوت الشتاء والبرد ينخر عظامي ويزيد الامي
قاموا بشبحي بطريقة جديدة أكثر قسوة حيث اجبروني على الوقوف على ركبتاي وقاموا بربط يداي للخلف وعملوا على وضع دبابيس دفاتر على الأرض تحت ركبتاي ,أي انني وقفت على هذه الدبابيس التي اخترقت ركبتاي , وأنا على هذه الحالة قال لي المحقق : ” لما تشوف الحيط الي قدامك أخضر بتحكيلي “_والحائط بالأصل لونه أبيض _ وبعدها وضع عصا كهربائية خلف أذني للتخويف ولكنه لم يقم بصعقي بها , وتم ضربي أكثر من مئة مرة بالبربيش وأنا مشبوح على تلك الصورة التي ذكرت .. ووالله الذي لا اله الا هو لقد رأيت الحائط أخضر اللون, ولكن يبدو أن المحقق كان يريد أكثر من ذلك , وبعد ذلك عملوا على ربط يداي وشدهما للخلف وبدأوا بالضرب عليهما بلا وعي وهم يهددوني بتكسيرهما استمر ذلك الا ان بدأت يداي ترجفان يشكل لا إرادي وعندما رأى المحقق ذلك قال : “خلص شلت يداه “وتوقفوا عن ضربي وأعادوني الى الزنزانة الساعة الثالثة ليلا وأنا مقيد القدمين والكيس على رأسي , وبقيت بعدها اربع ايام لا اقوى على المشي أو حتى الوقوف ..
بعد خمسة عشر يوما ..
استمر التحقيق معي والتعذيب بهذه القسوة والشدة وبنفس الأساليب مدة اثني عشر يوما , هددوني خلال تلك الفترة بالنقل الى أريحا , وطوال هذه الفترة خمسة عشر يوما لم ارى وجه أحد من البشر الا وجوه المحققين “اذا حسبوا من البشر “
ولا زلت أعاني من الام مبرحة في الظهر والجانب الأيمن من الوجه وفي اليد اليسرى وفي الركبتين وخاصة الألم مكان الكسر السابق في قدمي اضافة الى الام وعلامات واضحة في مختلف أنحاء جسمي .