حدث ذلك في مرسيليا في عهد كانت تسيطر عليها فيه عدة عصابات استطاعت أن تمتلك كل شي..حتى الشرطة والقضاء..وحتى القانون...
في ذلك العصر- في ثلاثينيات القرن العشرين- قام أحد زعماء هذه العصابات بقتل أحد خصومه..فألقي القبض عليه..
وعندما جاء شاهد الإدانة الوحيد ليقف أمام القاضي الذي حصل في المساء فقط على رشوة ضخمة لتبرئة زعيم العصابة...
سأل القاضي الشاهد في صرامة:ماذا حدث بالضبط؟؟
أجابه الشاهد في هدوء واثق:
كنت أجلس في مخزن المتجر في الساعة الثانية بعد منتصف الليل والسيد(فيران) صاحب المتجر في الخارج..ثم سمعت طلقا ناريا..وعندما هرعت من المخزن إلى المتجر وجدت (فيران) جثة هامدة والدماء تنزف من ثقب بين عينيه الجامدتين الجاحظتين والسيد (ديبوا) يقف أمامه ومسدسه في قبضته والدخان يتصاعد من فوهته ولم يكن هناك سواه..
سأله القاضي في صرامة مخيفة: هل رأيته وهو يطلق النار على رئيسك؟؟
أجابه الشاهد ببساطة: كلا ولكن مظهره يؤكد بأنه هو الفاعل فلم يكد يراني حتى رمقني بنظرة قاسية ودس المسدس في جيبه وغادر المكان في هدوء وهو يتصور أني لن أجرؤ على إدانته والشهادة ضده...
عاد القاضي يسأله في صرامة:هل رأيته وهو يطلق النار؟؟؟؟
أجابه الشاهد في حيرة:سمعت صوت اطلاق النار و.....
قاطعه القاضي المرتشي في حزم:هذا لا يعد دليلا كافيا..
ثم ضرب مائدته بمطرقته الخشبية مستطردا في صرامة:فلينصرف الشاهد
احتقن وجه الشاهد في غضب ونهض من مقعد الشهادة وأدار ظهره للقاضي وهتف بصوت مرتفع:يالك من قاضي غبي واحمق وتشبه الخنازير في عقلك ومظهرك..
صاح القاضي في مزيج من الغضب والذهول والاستنكار:كيف تجرؤ على اهانة المحكمة ايها الرجل؟؟!!! إنني أحكم عليك ب....
استدار اليه الشاهد وقاطعه بغتة..:هل رأيتني اشتمك يا سيدي؟؟!!
صاح القاضي في غضب:لقد سمعتك وسمعك الجميع و...
قاطعه الشاهد مبتسما في خبث..:هذا ليس دليلا كافيا يا سيدي
احتقن وجه القاضي وضجت القاعة بالضحك وأدرك الجميع مغزى المفارقة ووجد القاضي نفسه في مأزق يهدد سمعته ومستقبله فلم يجد سوى أن يستسلم لرغبة الرأي العام ويحكم على زعيم العصابة بالإعدام..
وكان اول حكم اعدام على احد زعماء مافيا مرسيليا
لا إله إلا أنت سبحانكـ..إني كنت من الظالمين