[size=18]
عبد الله الدامون
أول حرب عربية ضد فلسطين
العرب الذين ساهموا في تذبيح سكان غزة يقدمون اليوم الوعود لإسرائيل وأمريكا بمحاصرة الفلسطينيين حتى لا يستطيعوا المقاومة مستقبلا. هل هناك ما هو أكبر من هذا العار؟
منذ 1948، أي منذ أن خاض العرب حربهم الأولى ضد العصابات الصهيونية ببنادق قديمة ورصاص مغشوش، فإن كل الحروب العربية كانت ضد إسرائيل، لكن الأوضاع تغيرت اليوم بطريقة مخجلة.
في سنة 1956 واجهت مصر العدوان الثلاثي بعد تأميم قناة السويس وكانت إسرائيل طبعا طرفا فيها. وفي سنة 1967 أراد العرب رمي إسرائيل في البحر فرمتهم إسرائيل في البئر. يومها كان جنرالات إسرائيل يستعدون للحرب ويعدون الخطط الماكرة لأنهم يعرفون أن الحرب خدعة، والجنرالات العرب كانوا يخدعون بعضهم البعض ويلقون بأنفسهم بين أحضان نساء جاسوسات يبلغن الموساد كل التفاصيل بما فيها عدد زغبات صدور الجنرالات العرب الأشاوس.
وفي سنة 1973 خاض العرب حربا فيها بعض الجدية فحققوا توازنا نسبيا مع إسرائيل. وفي بداية الثمانينيات غزت إسرائيل لبنان وواجهها العرب أيضا بكثير من المقاومة.
رغم كل الهزائم السابقة إلا أن الأهم فيها هو أن الأنظمة العربية كانت تتوفر على إرادة الحرب ضد إسرائيل ولو ظاهريا فقط. لكن منذ غزو إسرائيل للبنان سنة 1982 فإن الأنظمة العربية تراجعت وبقي أمر المقاومة في يد الفصائل والتنظيمات المقاومة. الأنظمة العربية تعتبر أن الحرب الحقيقية لا يجب أن تكون ضد إسرائيل بل ضد شعوبها. هكذا انتهت تماما فكرة الحرب مع إسرائيل وأصبحت الأنظمة العربية تحارب شعوبها في الشوارع والمعتقلات.
ومنذ بداية الثمانينيات أصبحت إسرائيل تفعل ما تشاء في أي بلد عربي تريد. هاجمت المفاعل النووي العراقي وحطمته بالكامل والأنظمة العربية صامتة. هاجمت وقصفت لبنان عشرات المرات بدون أي رد فعل. هاجمت تونس واغتالت القيادي الفلسطيني أبو جهاد ولم يحرك العرب أصبعا واحدا من أصابعهم الكثيرة.. والميتة. هاجمت إسرائيل سوريا وقصفت ضواحي دمشق وكانت تكسب كل يوم الكثير من العملاء والمتكلبنين من دون أن تهتز في الحكام العرب ذرة كرامة.
وفي حرب يوليوز 2006، كانت تلك أول مرة تخوض فيها إسرائيل حربا ضد العرب بمباركة العرب أنفسهم. قتلت إسرائيل أزيد من 1200 لبناني بمباركة من أنظمة عربية بحجة القضاء على حزب الله لأنه شيعي، يعني في رأيهم صهيوني أفضل من مسلم شيعي.
واليوم خاضت الأنظمة العربية حربا معلنة ضد الفلسطينيين مع أن حماس ليست تنظيما شيعيا. هكذا يتبين أن المستهدف هو فكرة المقاومة سواء كانت شيعية أو سنية.
الحرب التي جرت على غزة هي أول حرب عربية ضد فلسطين بأسلحة وتنفيذ إسرائيلي. وانتظروا يوما قريبا ستجمع إسرائيل يدها وستطلب من الأنظمة العربية أن تقوم بنفسها بالحرب ضد الفلسطينيين.
هل تعتقدون أن هذا مجرد خيال؟
وهل كان أحد يتوقع كل هذا الذل العربي الحالي؟ ما يحدث اليوم كان خيالا أيضا[/size]