الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
أما بعد :
إن تغير القيم والمبادئ يلزم منه الانحراف عن الثوابت
فما سبب ضلال أهل الهواء إلا الانحراف عن ثوابت الحق
واتباع السبل دليل الانحراف عن النهج السوي المستقيم
والمتغير والمتبدل عن مبادئه الراسخة ما تركها إلا أن يكون في شك من أمرها
فانخلع منها بعد أن خدع الناس في زخرف أقواله وقبيح استدلاله
أو كان على الحق فابتلاه الله بمرض القلب
فعرضت عليه الفتن فأشربها فنكتت فيه حتى غدا على قلب أسود
قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
" تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين: قلب أسود مربادا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا، إلا ما أشرب من هواه، و قلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السماوات و الأرض "
فقد كان يكثر صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بالدعاء في سجوده بالثبات
يقول ابن القيم رحمه الله :
" والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات ، و فتن الشبهات،
فإن الغي و الضلال، فتن المعاصي ، و البدع فتن الظلم و الجهل.
فالأولى توجب فساد القصد و الإرادة، و الثانية توجب فساد العلم و الاعتقاد " انتهى.
ومن فتن بعض الدعاة التي كانت سببا في تبدلهم وتغيرهم وانسلاخهم من قيمهم ومبادئهم
تأثر البعض منهم في الحضارة الغربية حتى أصبح الواحد منهم يتكلم بلسان حالهم
وفتن البعض عندما ارتمى في أحضان الفضائيات التي لا هم لها إلا الترويج للساقطين والساقطات
فأكسبهم ضعف العزيمة في تغير المنكر وهم يخالطون أربابه والقائمون على نشر فساده
ووهنت إرادتهم وفقدت هيبتهم عند أهل الذنوب والمعاصي واستصغروا عظم المنكر
فتبلدت الأفكار بعد أن فقدوا الشعور بالإحساس
رحلت الغيرة عند كثير من هؤلاء وهم يرتعون في أحضان الفضائيات
يعظون الناس بلسان أقوالهم ويدعونهم إلى الرذيلة بلسان أفعالهم
زعموا أنهم يصلحون وما علموا أنهم مفسدون ولكن لا يشعرون
لقد رتع القوم في جيفة .... يبين لذي اللب أنتانها
فما ينبغي على هؤلاء إلا الابتعاد عن أماكن الشبهات ، فإن العالم للعباد كالسرج للبلاد فإن فسد عاشوا في ظلام وسواد
وقد جمع البعض أسباب الفتن عياذا بالله وجعلها مرتكزا لفكره وفتواه ومبدأ جديدا ينطلق فيها من رؤياه
وممن عرف واشتهر بالتبديل والتغيير أحد دعاة الفضائيات الهابطة
التي أكسبته معرفة وشهرة بين الناس وعوامهم
وقد كان من أشد الناس إنكارا على هذه المحطة الهابطة
وكان من أشد الناس تحذيرا خوفا من انخداع الناس فيها
مع التحذير بشديد العبارة واللهجة ممن يخدع الناس بمشاهدتها بإحدى الحجج الواهية
لكن لما تغيرت المبادئ وانقلبت القيم والثوابت عنده كان أحد أركان ودعائم هذه القناة الهابطة وهو :
سلمان العودة مفتي أل mbc
سأبدأ معكم في الدقائق الأخيرة من حلقته الحياة كلمة من يوم الجمعة 8 _ 8 _ 2008 التي تصاحب حلقاتها الموسيقى
ولن اعرج على فتواه بإباحته لأهل السنة بترك الجهاد والانضمام إلى جيش الكفر والردة
ولن أتكلم عن ثنائه على أهل البدع كالجفري وعمرو خالد
ولا عن بيانات المنهزمين
ولا عن ظهوره مع الروافض أعداء السنة والتوحيد
وإن كان مجال الرد عليه في هذه الحلقة واسع
لكن سأتكلم عن طامة جديدة لهذا الفكر الصحوي المهزوم هي من أهمها في برنامجه
الذي اتخذ من منابر أهل المجون سلما يصل منه إلى أفكاره المسمومة
تجويزه الاحتفال بعيد الميلاد والمناسبات
فقد سئل عن شخص يريد الاحتفال بعيد ميلاده
فأجاب قائلا :
( إذا كان الأمر يتعلق بالميلاد الشخصي أنا وجهت نظري إنوا الاحتفالات العادية أنها مباحة ، يعني مثلاً زوجان يحتفلان بمناسبة الزواج ، مرور سنة أو قل إن شاء الله عشرين سنة على الزواج ، وليكن لماذا تنطفي هذه الشموع ، أو كذلك يعني الابن أو البنت يحتفل بمناسبة ميلاده ، هذا ليس احتفالاً ديناً وإنما هو أمر عادي وقد يجمع أصدقائه على وجبة أو ما أشبه ذلك فلست أرى في هذا حرج ) .
وقال : "أما حكم إطلاق تسمية عيد على هذا الاحتفال فهو معروف مسبقاً بتحريمه وان الاحتفال بالمناسبات السنوية "دون ذكر لمصطلح العيد" جائز كمناسبات الميلاد والاحتفال بمناسبة مرور عام أو عشرين عام على الزواج ونحوه" . انتهى .
أقول :
إن خطورة الفتوى لا تتوقف على جوابه هذا ولكنها تنبع من التأصيل الفاسد
الذي بنى عليه الجواب معللا إياه بأنه ليس احتفالا دينيا
وعليه فإن الاحتفال بيوم الشجرة ويوم العمال ويوم الاستقلال ، ويوم المعلم
ويوم الأرض ، ....الخ
كل ذلك ومثله بالمئات سيكون مباحا
لكن العودة قد جهل أو غفل أو نسي أن الأمور الدنيوية قد يكون منها ما هو مباح ومنها ما هو حرام بمخالفة الشرع فليس كل أمر دنيوي مباح بإطلاق
ولننطلق من هذا المفهوم الذي أصل له العودة لإباحة هذه الأعياد بشرطين اثنين
أولهما : أنها أمورا عادية وليست دينية
وثانيهما : عدم إطلاق لفظ عيد عليها يجعلها مباحة
أقول وبالله التوفيق
هل تغيير الأسماء يستلزم تغيير الحقائق
فلو أن كافرا كتب على هويته مسلم مع اعتقاده بصلب عيسى عليه السلام
هل يصبح مسلما حقيقيا ويرفع عنه صفة الكفر وهو ما يزال يصلي في الكنسية
فهل جاء الإسلام بالحكم على الأشياء من خلال حقائقها أو لمجرد أسمائها ؟؟!!! .
وأي نفع عاد على المرابين لما قالوا إنما البيع مثل الربا
وما الذي جناه من سمى الخمر بغير اسمها
فهذه الأشياء وغيرها حرمت لحقيقتها أم لصورها وأسمائها
لذلك رأينا أصحاب الهوى والشهوات قد استساغوا تغيير المسميات مع بقاء ماهيتها
فأباحوا الموسيقى وقالوا إنها تأثيرات صوتيه
وأجاز قوم خروج المرأة متبرجة على التلفاز بحجة أنها ليست الصورة الحقيقية
وجاءنا اليوم من قال أن الاحتفال بمناسبة الزواج والأعياد ليست محرمة
طالما أنها لا تحمل مصطلح العيد
ماذا أغنى عن بني إسرائيل تلاعبهم بالألفاظ فقالوا حبة بدلا من حطة
وما أغنى عنهم لما حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها
وما الذي نفعهم لما حرم الله عليهم الصيد في السبت
فنصبوا لها الشباك وأخذوها باليوم التالي
لقد عمد هؤلاء إلى تغيير الظواهر والصور
لكن بقيت الحقائق على أصلها فنالوا العقاب من الله
ببغيهم وتلاعبهم
فهل الحرام أصبح مباحا بتغيير الأسماء
إذن الواجب على المرء النظر إلى الحقائق لا إلى الصور والظواهر
ورحم الله ابن القيم القائل :
" وما مثل من وقف مع الظواهر والألفاظ ولم يراع المقاصد والمعاني إلا كمثل رجل قيل له : لا تسلم على صاحب بدعة ، فقبل يده ورجله ولم يسلم عليه "
وقال رحمه الله :" وكذلك كل من استحل محرما بتغيير اسمه وصورته كمن يستحل الحشيشة باسم لقيمة الراحة ويستحل المعازف باسم يسميها به "
ويقول رحمه الله :
" ولو أوجب تغيير الأسماء والصور تبدل الأحكام والحقائق لفسدت الديانات وبدلت الشرائع واضمحل الإسلام "
ومنه نعرف حقيقة ما قاله العودة في إباحة هذه المناسبات دون تسميتها بمصطلح العيد
وإن كان عدم تسميتها بالعيد مطلوب شرعا لكن تغيير التسمية لا يغير من حقيقتها
كما أنه لا يجعلها مباحة لمجرد تغيير التسمية
ولكن الشبهة التي قد تعرض على كثير من الناس هل يعني هذا تحريم كل مناسبة واحتفال ؟؟؟
لو أن شخصا نجح في مدرسته هل يمنع من عمل احتفال له
أو أن شخصا قدم من سفر هل يحرم الاحتفال بعودته سالما غانما
ولو أن شخصا كان مريضا فشافاه الله وعافاه هل يحرم الفرح بشفائه
كل هذه الأشياء وغيرها لا نقول بحرمتها لأن الأصل فيها مباح
في الشرع ولم يأت نص على تحريمها
لكن التحريم الذي نتكلم عنه ليس أصل الاحتفال بهذه المناسبات عند حدوثها
لكن تحريم الاحتفال بتكراره لارتباطه بالزمن
فصار كالعيد تماما
وانظر للقول بإباحة الاحتفال بالزفاف وقد دل عليه الشرع
ومع هذا فإن تكراره محرم
وعليه يمكنك أن تقيس باقي المناسبات ومعرفة الحكم عليها هل هي جائزة أو غير جائزة
فإن كان تكرار هذا الاحتفال مرتبط بالزمن فهو محرم
وإن كان هذا الاحتفال غير مرتبطا بالزمان أو المكان فهو جائز
فلو أن شخصا نجح بالإعدادية وفرح بهذا ودعا أقرباءه وأصدقاءه لهذا الحفل
فهذا جائز شرع مع خلوه من المنكرات
ولو تكرر هذا الفعل معه بعد عام لنفس النجاح في نفس المرحلة فهو محرم
لكن إن كان احتفاله العام المقبل لنجاحه الجديد في المرحلة الثانوية
لكان هذا جائزا
ومثله تماما رجلا تزوج بامرأة وأراد الاحتفال بمرور عام أو عشرين عام لمرور زواجهما
هذا محرم ولا يجوز
لكن إن تزوج من أخرى بعد عام أو عشرين عام
وعمل احتفالا بهذه المناسبة فلا شيء عليه ويؤجر لذلك
وعليه فإن الاحتفال بهذه المناسبات لها ضوابط وشروط
الأول : أن لا يكون المحتفل به شيء من الشرع فيكون الاحتفال محرما ابتداء وانتهاء
ثانيا : لا يجوز تسميتها عيدا
ثالثا: لا يجوز اتخاذ هذا اليوم مناسبة سواء كانت شهرية أو سنوية للاحتفال بها وإن تغيرت الأسماء كيوم وذكرى ومناسبة لأنها شابهت عيد الفطر والأضحى بتكرارهما والنص جاء على المنع من غيرهما
رابعا : أن لا تشابه النصارى واليهود في أفعالهم أو أقوالهم
لكن هل كل تشبه بهم محرم ؟؟؟ .
الضابط في معرفة التشبه باليهود والنصارى من عدمه أن لا يكون الفعل مختصا بهم
وأن لا يكون عائدا بالنفع على الإسلام والمسلمين
ومنه يفهم قول الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم :
" من تشبه بقوم فهو منهم "
فالاحتفال بالزفاف جائز شرعا وقد حث الشرع على فعله
لكن تكرار الاحتفال به في عام أو أكثر أو أقل حرام لا يجوز
فعن أنس رضي الله عنه " قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم المدينة
ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرا منهما :
يوم الفطر والأضحى "
فلو كان تكرار الاحتفال بالمناسبات في كل عام جائز شرعا
لما أنكر عليهما الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
ولشرع لهما العيدين بدون منع غيرهما
إذن الاحتفال بالمناسبات أو أعياد الميلاد في كل عام محرم
لأسباب
الأول : أن الشرع لم يجعل للمسلمين مناسبة يحتفلون بتكرارها في كل عام إلا عيد الفطر وعيد الأضحى
فإن تكرر الاحتفال بغيرهما صار مثله كمثل العيد سواء بسواء سواء حمل اسم العيد أو لم يحمله
ثانيا : أن هذا الفعل قد شابه أفعال اليهود والنصارى
فلا يعلم من حال المسلمين أنهم يحتفلون في مناسباتهم في كل عام أو أكثر
إلا ما ادخل عليهم من عادات اليهود والنصارى فشابهوهم بأفعالهم
ثالثا : أن الاحتفال بهذه المناسبات ذريعة لأهل البدع والضلال
للاحتفال بالمولد النبوي ، أو بمولد أحد الصالحين ، أو بأحداث مقتل الحسين
مع قطع الطريق على من قال بأن هذه أمور شرعية بقولهم أنها ليست شرعية
والحق معهم لأن الاحتفال بمولد الصالحين وأحداث كربلاء ليست من تعاليم الإسلام في شيء
لأنهم سيجعلونها دنيوية وهي كذلك فلا وجه للإنكار عليهم
وأخيرا القائل : بإباحة هذه الاحتفالات للمسلمين
هل كان عنده بعد نظر وهو يعلم أن المتلقفين لفتواه عن حكم هذه الاحتفالات غالبهم ليسوا من أهل الالتزام بأحكام الإسلام وتعاليمه و غالبا ما سيصاحب هذه الاحتفالات الموسيقى والاختلاط
وبوجود من يبيح لهم الاختلاط كالعبيكان وبوجود من يبيح لهم الموسيقى كالقرضاوي ووجود من يبيح هذه الاحتفالات كالعودة
سيصبح الاحتفال بأعياد الميلاد والزفاف مع الاختلاط والموسيقى مباح مباح مباح فليس فتوى أحدهم بأولى من غيره
فهل سنجني من هذه الفتاوى الصحوية ؟؟!!! إلا الفساد والذريعة للمفسدين